و أجوب الكون من سهل لنجد
لتراب حالم في ظل ورد
لطيور في وكور الرابية
مصغيات لنشيد الساقية
و سألت الجمع من ورد لزهر
لمياهٍ و طيورٍ ليت شعري
أي معنىً لنعيمٍ و شقاء
أي خير قد جنى أهل الثراء
أي شر قد أتى ذاك الشريد
ليعيش العمر منسياً طريد
فأشار الزهر للقبر و تمتم
تسأل الرمس و من بالرمس يحلم
بحساب عن طريف و تليد
و جنان وارفاتٍ و وعيد
إمض عني لا تسلني فالزهور
ليس تدري في الدنا غير العبير
و سمعت الماء يحكي و هو يجري
إنني ماء و هذا كل سري
أمنح الظمآى وجوداً بوجودي
دون أن أسأل أجراً لجهودي
إنني ماء سواء بسواء
رغم موج البحر أو مزن السماء
وتعالى الدوح في الغابات ثائر
لا تساءل لا تساءل أنت كافر
هكذا شاء إلهي و المشيئة
حكم ربي و بها الظن خطيئة
و رآني البوم في الغاب فصفق
وتعالى فوق رأس الدوح ينعق
أي قول و سؤال و هراء
قلت أفصح أي معنى للشقاء
و لماذا منح البعض الهناء
أصحيح قولهم: هذا قضاء
أوضحي يا بوم هل هذا قضاء؟
أن يكن في الكوخ فلاح فقير
يائس من كل عون و نصير
دائماً يسعى و دائماً في عمل
ليس يجني من جنىً غير الأمل
و قليل من شعير و بصل
تشرق الشمس فيسعى لهضابه
يحمل الفأس و ماءً لشرابه
و رغيف الخبز حيناً في جرابه
ليس يدري يا له هول عذابه
يفلح الأرض صباحاً و مساء
ليس يجني من جنى غير العناء
و يمني النفس إن خاب الرجاء
أن ينال الخير إن حمَّ القضاء
و لتبقى غلَّة الصيف ليوم غد
ليس يدري غير أن قد كان جدِّي
أوضحي يا بوم هل هذا قضاء
أن يبيت الطفل في الظلماء يرسم
في ذهول فوق أرض الكوخ طلسم
و على الثغر سؤال طالما
حير الطفل هل أجرما؟
ليجرع في صباه العلقما
و ليكن مأواه جحراً مظلما
أفصحي يا بوم هل هذا قضاء؟
كتبت سنة ١٩٤٨